بعث عبد الله بن عتيك إلى قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق
و لما قتل الله ـ وله الحمد ـ كعب بن الأشرف على يد رجال من الأوس كما قدمنا ذكره بعد وقعة بدر ، و كان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ممن ألب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يقتل مع بني قريظة كما قتل صاحبه حيي بن أخطب ، رغبت الخزرج في قتله طلباً لمساواة الأوس في الأجر . و كان الله سبحانه قد جعل هذين الحيين يتصاولان بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخيرات ، فاستأذنوا رسول الله في قتله فأذن لهم ، فانتدب له رجال كلهم من بني سلمة و هم : عبد الله بن عتيك و هو أمير القوم بأمره صلى الله عليه و سلم ، و عبد الله بن أنيس ، و أبو قتادة الحارث بن ربعي ، و مسعود بن سنان ، و خزاعي بن أسود ، حليف لهم . فنهضوا حتى أتوه في خيبر في دار له جامعة ، فنزلوا عليه ليلاً فقتلوه و رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، كلهم ادعى قتله ، " فقال : ( أروني أسيافكم ( فلما أروه قال لسيف عبد الله بن أنيس : ( هذا قتله أرى فيه أثر الطعام ( . " و كان عبد الله بن أنيس قد اتكأ عليه بالسيف حتى سمع صوت عظم ظهره ، و عدو الله يقول : قطني قطني ، يقول : حسبي .
غزوة بني لحيان
ثم خرج صلى الله عليه و سلم بعد قريظة بستة أشهر ، و ذلك في جمادى الأولى من السنة السادسة على الصحيح قاصداً بني لحيان ليأخذ ثأر أصحاب الرجيع المتقدم ذكرهم ، فسار حتى نزل بلادهم في واد يقال له غران ، و هو بين أمج و عسفان ، فوجدهم قد تحصنوا في رؤوس الجبال ، فتركهم و ركب في مائتي فارس حتى نزل عسفان و بعث فارسين حتى نزلا كراع الغميم ، ثم كرا راجعين ، ثم قفل صلى الله عليه و سلم إلى المدينة .