فصل ـ مقاطعة قريش لبني هاشم و بني المطلب
ثم أسلم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و جماعة كثيرون ، و فشا الإسلام . فلما رأت قريش ذلك ساءها ، و أجمعوا على أن يتعاقدوا على بنى هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف : ألا يبايعونهم ، ولا يناكحوهم ، و لا يكلموهم ، و لا يجالسوهم ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و كتبوا يذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة ، و يقال إن الذي كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف ، و يقال : بل الضر بن الحارث ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فشلت يده .
و انحاز إلى شعب بنو هاشم و بنو المطلب ، مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب لعنه الله ( فإنه ظاهر قريشاً . و بقوا على تلك الحال لا يدخل (عليهم أحد نحواً من ثلاث سنين .
و هناك عمل أبو طالب قصيد ته المشهورة : جزى الله عنا عبد شمس و نوفلا .
ثم سعى في نقص تلك الصحيفة أقوام من قريش ، فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، مشى في ذلك إلى مطعم بن عدي و جماعة من قريش ، فأجابوه إلى ذلك ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه أن الله قد أرسل على تلك الصحيفة الأرضة ، فأكلت جميع ما فيها إلا ذكر الله عز و جل ، فكان كذلك . ثم رجع بنو هاشم وبنو المطلب إلى مكة ، و حصل الصلح برغم من أبي جهل عمرو بن هشام . و اتصل الخبر بالذين هم بالحبشة أن قريشاً أسلموا ، فقدم مكة منهم جماعة ، فوجدوا البلاء والشدة كما كانا ، فاستمروا بمكة إلى أن هاجروا إلى المدينة ، إلا السكران بن عمرو زوج سود بنت مزمعة ، فإنه مات بعد مقدمه من الحبشة بمكة قبل الهجرة إلى المدينة و إلا سلمة بن هشام ، و عياش بن أبي ربيعة ، فإنهما احتبسا مستضعفين ، وإلا عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى فإنه حبس فلما كان يوم بدر ، هرب من المشركين إلى المسلمين .