اللقاء الحضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي
لم يقتصر اللقاء الحضاري بين الشرق والغرب على العصر الوسيط فقط، بل كان مستمرأ على ممر العصور والأجيال. ومن أهم مظاهره تلك الهجرات الفينيقية القديمة التي خرجت من سواحل الشام عبر البحر المتوسط إلى سواحل المغرب وأسبانيا حيث أسست مدناً تجارية لا زالت باقية إلى الآن، مثل "طنجة" و "قرطاجة" و "مالقة" و"قادس " و" قرطبة" وغيرها. ومثل حروب طروادة في آسيا الصغرى التي حاصرها اليونان عشر سنوات (1193- 1184 ق. م) وتغنى بمواقعها الشاعر "هوميروس " في الالياذة. ومثل الحروب الفارسية اليونانية التي كانت فتوحات "الاسكئدر" وانجازاته الحضارية من أهم مراحلها. وفي العصر الوسيط تمثل هذا اللقاء في الحروب التي نشبت بين أقوى أمبراطوريتين في ذلك الوقت: الفارسية والبيزنطية. وبعد ظهور الإسلام اتخذ هذا الصراع شكلاً دينياً في مظهره، فصار صراعاً بين المسيحية والإسلام. ثم استمر هذا اللقاء في عصورنا الحديثة وإن كان قد اتخذ أشكالاً وألواناً مختلفة كالاستعمار والإمبريالية والصهيونية..
والذي يهمنا في هذا الموضوع هو ذلك اللقاء بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي المسيحي في العصر الوسيط، وما نجم عنه من إسهام حضاري متبادل بينهما.
لقد اصطلح المؤرخون على تحديد مراكز هذا اللقاء بالجسور أو المعابر الجغرافية الثلاثة التالية باعتبارها كانت أقوى المناطق التحاماً بين الجانبين، وهى على حـسب ترتيب أهميتها: الأندلس، ثم صقلية، ثم الشام