الثورة الصناعية. بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا، وانتشرت إلى كل دول أوروبا وأمريكا بحلول منتصف القرن التاسع عشر. وقد كان أثرها كبيرًا على حياة الناس، يشابه الأثر الذي أحدثه اكتشاف الزراعة في العهود الغابرة، إذ إنه بقيام المصانع ظهرت المدن الصناعية الكبرى، وسهل الاتصال بين البشر، وسهلت الحياة بفضل التطور الذي طرأ على نظم المواصلات والاتصالات. كما كان للثورة الصناعية آثار اجتماعية جمة مثل ازدهار الطبقة الوسطى التي أثرت سريعًا بامتلاكها المصانع، ووسائل الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى ظهور الرأسمالية، نظامًا اقتصاديًا يمتلك فيه الأفراد وسائل الإنتاج. وسادت الرأسمالية في بريطانيا أولاً ثم في بقية أنحاء أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي.
كانت الثورة الصناعية في أيامها الأولى وبالاً على العمال والطبقات الفقيرة، فالأجور كانت منخفضة، والمساكن مزدحمة، والأحوال الصحية والاجتماعية في المدن سيئة. ولم يكن غريبًا أن ثار أولئك العمال على أسلوب استخدام الآلات الحديثة في المصانع لاعتقادهم أن ذلك هو سبب بلائهم، وقد بدأ بعض الناس يلومون الرأسمالية، الأمر الذي أدى إلى ظهور الأفكار الاشتراكية التي جذبت إليها الكثير من الطبقات الفقيرة. وقد طوّر ماركس فكرها في فترة لاحقة لتصبح شيوعية محضة. وقد شهدت هذه الفترة إلى جانب هذه التطورات بداية ظهور النقابات العمالية، وبداية الإصلاح في قوانين العمل والعمال في بريطانيا وغيرها.