آشور
آشور أو أشور ، يرد بصيغة آثور في الوثائق السريانية ، اسم إله الآشوريين ، واسم عاصمتهم وامبراطوريتهم واسم ولاية بعد سقوط الامبراطورية الآشورية عام 612 . يظهر الإله آشور منذ 1800 ق . م . نظيرا للإله السومري إنليل . في وثائق سرجون الثاني 721-705 يظهر نظيرا لأنشار أبو آن في أسطورة الخلق السومرية . وفي عهد سنحريب من سرجون الثاني يظهر نظيرا للإله مردوخ البابلي وخاصة فيما يتعلق بعملية خلق الكون [11] . ينسب إليه خلق الكون بعد أن خلق نفسه [12] . قدم إليه ملوك آشور تقارير عن أعمالهم الحربية بوصفه صاحب السلطان الفعلي على المدينة والامبراطورية وحاميهما [13] .
الاجتهادات في تفسير الاسم ضرب من التخمين . دخل الاسم في الاسماء المركبة لثمانية من الملوك الآشوريين حسب الموسوعة البريطانية أشهرهم آشور بانيبال 668-627 ق . م . صاحب المكتبة في نينوى التي اكتشفت فيها المنقبون 35 ألف رقيم في مختلف الموضوعات ، وآخرهم آشور أو?اليت 611-609 ق . م . الذي تملك في حران وحاول استرداد الامبراطورية بعد سقوط نينوى عام 612 ق .م .[14] . وورد الاسم في كتاب العهد القديم بوصفه ابن سام وجد الآشوريين ( تك 10: 11-22 ) و ( أخبار : 1- 17 ) .
أما مدينة آشور فهي نسبة للإله . بنيت منذ الآلف الثاني ق . م . على الضفة الغربية لنهر دجلة بين الزاب الكبير والزاب الصغير ، رافدي واستمرت عاصمة حتى نقلها تغلات ?لاصر في القرن 11 ق . م . إلي نينوى?. سقطت آشور أمام التحالف الميدي البابلي عام 614 ق . م . ورد ذكرها في العهد القديم في (?تك 12 : 10 – 14 ) . اكتشفت آثارها في قلعة الشرقاط من شمالي العراق ثمانين كيلومترا إلي الجنوب من الموصل . نقب في الموقع الألماني والتر أندريا بين 1903 – 1913 ، والبريطاني أوستن هنري لا يارد في 1947 .
شملت الامبراطورية القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين وتوسعت في القرن 14 ق . م فشملت كل ما بين النهرين . من أشهر ملوكها تغلات بلاصر الأول ( 1117-1107 ق .م . ) وتغلات ?لاصر الثالث الذي سبى بعضا من الإسرائيليين عام 732 ق . م ،?وشلمناصر الخامس ابنه الذي سبى إسرائيل بسبب تآمر ملكها هوشع مع مصر ضد آشور . « في السنة التاسعة لهوشع أخذ ملك آشور السامرة وسبى إسرائيل إلي أشور وأسكنهم في حلح وخابور نهر حوزان وفي مدن مادي » ( 2 ملوك 17 : 6 ) ،?وسرجون الثاني الابن الآخر لشلمناصر الخامس أسكن السامرة بسكان من امبرطوريته . وسنحريب الذي حاصر أورشليم عاصمة مملكة يهوذا وصالحه ملكها حزقيا بإفراغ كل خزائن الهيكل اليهودي ( 2 ملوك 18 : 15-16 ) . سنحريب هذا هو الامبراطور العظيم في قصة الحكيم الوزير أحيقار . آخر الأباطرة العظام آشور بانيبال 666-627 المذكور أعلاه .
احتل الفرثيون أشور عام 140 ق . م . فازدهرت في أيامهم . وفي 116 م احتل الامبراطور الروماني تراجان مقاطعة حديابين ، وجعلها ولاية رومانية باسم أسسيريا ( آثور باللفظ السرياني ) . أما هدريان الامبرطور فقد منح الفرس سلطة ذاتية عليها [15] .
يرد اسم آثور في المعجم السرياني للحسن بن بهلول ( ت 963 ) بوصفها مدينة? الموصل [16] ، وكذلك ترد عند الجغرافي العربي ياقوت الحموي في القرن 12 م الذي يقول في تعريفها : « كانت الموصل قبل تسميتها بهذا الاسم تسمى آتور . وقيل آفور بالقاف . وقيل هو اسم الجزيرة بأسرها . وبقرب السلامية ، وهي بليدة في شرقي الموصل بينهما نحو فرسخ ، مدينة يقال لها آقور . وكأن الكورة كانت مسماة باسمها . والله علم [17] .
آشور ، تسمية
في مسعى لفهم معني الاسم ، يمكن قسمته إلي مقطعين : « أش » و « أور » فيكون المعني سيد أو رجل أو زوج الأرض – الوطن . ( نستند في تفسير « أش » إلي لفظ « إش » بالعبرية الذي يعني زوج أو رجل واللفظ العربي إنس وإنسان ، والسرياني نوش الذي يبدأ بهمز كتابة ) . ويمكن ربط « أش » باللفظ العربي عيش ويعني حياة فيكون معني أشور حياة الأرض ، وهذا يعلن عن وظيفته الخصيبة كغيره من آلهة الخصب القديمة في المنطقة كعشتار مثلا . وليس من المستبعد أن يكون اسم عشتار نفسه ذا صلة باسم آشور فحرف العين في عشتار يخفف إلي الهمز فيصبح إشتار ( قارن بصيغة « أشيرة » لاسم عشتار عند العرب ) فيقسم اللفظ إلي مقطع « إشت » فتكون صيغة تأنيث لـ « أش » ، ومقطع « آر » الذي هو إعلال لمقطع « أور » ( قارن بصيغة عشتاروت الفينيقية لاسم الذي يظهر فيه مقطع « آروت » أي الأرض شبيها باللفظ العبري أرتص والعربي أرض ) . ومثل هذا الإعلال مضطرد في اللغات السامية ، فيكن بذلك معني عشتار سيدة وزوجة وامرأة وعيشة وحياة الأرض ، أي النسخة الأنثوية لآشور ، وهذا يسمح لنا ، إن صح التحليل السابق ، بالاعتقاد أنها أصلا زوجته .
الآشوريون
قوم ساميون أنشأوا إحدى أعظم الامبرطوريات القديمة في التاريخ ، ووحدوا منطقة الهلال الخصيب تحت سيطرتهم في فترات متقطعة بدءا من القرن 14 ق . م . عاصمتهم الأولي أشور باسم إلههم . انتقلت العاصمة إلي نينوى . من أشهر ملوكهم تغلات بلاصر قرن 12 ق . م . سرجون الثاني قرن 8 ق . م . وأشور بانيبال قرن 7 ق . م . قضى التحالف الميدي البابلي على دولتهم بسقوط نينوى 602 ق . م . ويطلق اسم الآشوريون حاليا على أبناء كنيسة الشرق القديمة الآشورية والكنيسة الرسولية الجاثليقية القديمة [18] .اسمهم بلغتهم « سوريايي » أو « سورايي » يشير إلي وحدتهم القومية مع بقية السريان . وهذا الاسم نسبة إلي سوريا بمدلولها الجغرافي والثقافي عند الإغريق في القرن الخامس قبل الميلاد ، واسم وسوريا بدوره منسوب إلي أشور [19] .
تميز الآشوريون أتباع كنيسة الشرق القديمة عن غيرهم من مسيحيي الشرق ، وشابهوا الموارنة في المحافظة على كيان ذي وزن سياسي لعب دورا مهما في تاريخ المنطقة وتجاوزه إلي الشرق الأقصى ، الصين ، الهند ، منغوليا ، حيث وصلت بعثات كنيستهم التبشيرية ، فنشرت المسيحية? والسريانية وأبجديتها بين هذه الشعوب ، ولعبت دورا سياسيا مهما في القرن 13 أثناء غزو المغول للمنطقة عبر الجاثليق يهبالاها الثالث التركي المغولي الأصل ، ورحلة الربان برصوما إلي روما وفرنسا وانكلترا سفيرا للخان أرغون بغرض توحيد الصف المسيحي ضد المسلمين بعد أن خسر الصليبيون القدس أمام جيوش صلاح الدين . دون برصوما أخبار الرحلة ، وما زالت محفوظة بالسريانية [20] . وسبق لهم أن قاموا بدور حيوي في خدمة الخلافة الأموية والعباسية عبر ترجمة العلم اليوناني العربية . وعبر علماء كلية جنديسابور الطبية قاموا بدور الأطباء الخاصين للخلفاء والولاة .
خضعوا في العصر العثماني لنظام الملة الذي أصبح البطريرك بمقتضاه ذا سلطة زمنية ودينية ، ومنذ عام 1480 اتبعوا نظاما وراثيا يرث فيه المنصب البطريركي ابن أخي البطريرك المتوفى ، واستمر هذا النظام حتى اغتيال البطريرك شمعون إيشاي في 6 تشرين الثاني ( أكتوبر ) 1975 في مقره بكليفورنيا [21] .
في 1828 هاجر آلاف منهم إلي أرمينيا وروسيا نتيجة الاضطهاد العثماني [22] . عام 1915 تحالفوا مع روسيا ضد العثمانيين ، ثم مع الانكليز بعد تخلي الروس عنهم إثر ثورة 1917 الشيوعية . قتل قائدهم البطريرك مار شمعون بنيامين غيلة على يد القائد الكردي سيمكو ، وتعرضوا لخسارة قرابة ثلثي عددهم ، وفقد موطنهم في حيكاري من تركيا ، وهجرة أعداد كبيرة سيرا على الأقدام غالبا إلي روسيا حيث تقوم الآن جالية منهم . وعدهم الانكليز وعودا بإقامة وطن قومي لهم في ولاية الموصل حيث أطلال نينوى وأشور ، واستفادوا منهم سياسيا وعسكريا في تحقيق أغراضهم بضم الموصل إلي العراق بغرض استثمار نفطها لصالح بريطانيا . في عام 1933 قامت ثورة آشورية في الموصل أسفرت عن مذابح قام بها الجيش العراقي في قراهم ، وهجرة أعداد كبيرة منهم إلي منطقة الجزيرة من سوريا [23] .
تتوزع المهاجر حاليا أعدادا تفوق المقيمين في الوطن . أهم المهاجر الولايات المتحدة . لهم عدد من النوادي والمنظمات السياسية والاتحادات في المهاجر ، وفي العراق منظمة زوعا ( الحركة الديموقراطية الآشورية ) شاركت الأكراد في الشمال قتالهم ضد السلطة ، وحصلت على مكاسب في الحكومة الفيدرالية الكردية ، فقد حصل على خمسة مقاعد من أصل 105 مقاعد في البرلمان عند تأسيسه في 19 أيار ( مايو ) 1992 [24] .
ينقسم الآشوريون إلي عشائر كبرى هي : جلو وباز وديز وتخوما وتياري [25] . يصفهم القوميون العرب بأنهم شوفينيون [26] . أما الأصوليون المسلمون من مواطنيهم العراقيين فيرد في كتاباتهم عنهم ما يدل على جهل مطبق بهم ، فيكتب أحدهم على سبيل المثال: « الآشوريون ينتسبون إلي عرق عربي عرف قبل الاسلام حيث قامت دولتهم في أرض الفرات « العراق » . أما عقادهم فهي خليط بين الوثنية واليهودية والنصرانية ، ويعبدون ملكهم الذي اسمه زيا ابن أيغو … » [27] ، ويقرر الموضوعين منهم أن السلطات العراقية رفضت مطلبهم في حكم ذاتي ،?« وعاملت المتمردين منهم بقسوة شديدة » [28] .
الآشوري العالمي ، الاتحاد
تأسس إثر انعقاد المؤتمر الآشوري في فرنسا عام 1968 . يعقد مؤتمرا سنويا . له ممثلون في مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة . يقوم بنشاطات ثقافية واجتماعية لصالح الآشوريين في العالم . يضم تنظيمات وأحزابا تتراوح أهدافها السياسية ?بين السعي لإقامة دولة آشور وبين الاكتفاء بحكم ذاتي في العراق .
الآشورية الديموقراطية ، الحركة
تنظيم السياسي للآشوريين في العراق . تأسست عام 1979 . تطالب بالحقوق القومية للآشوريين بوصفهم أقلية قومية ضمن العراق في ظل نظام ديموقراطي . انضمت إلي المعارضة العراقية لحكم صدام حسين في ربيع عام 1982 . شاركت الأكراد في شمالي العراق حربهم ضد النظام ، وقدمت العديد من التضحيات في الأرواح [29] . حصلت على خمسة مقاعد في البرلمان الكردي لحكومة الإقليم الشمالي عام 1992 . تعرف الحركة باسم « زوعا » ،?وهي كلمة سريانية تعني الحركة .
الآشوريات
علم يدرس الوثائق الكتابية لحضارة ما بين النهرين المكتوبة باللغات التالية : السومرية ، الأكدية ، الحثية ، الحورية والفارسية القديمة والعيلامية . يستعين هذا العلم بمنظومة من العلوم المساعدة في عملية تفسير النصوص كالتاريخ والجغرافيا والاجتماع وغيرها من العلوم ذات الصلة بحضارة ما بين النهرين . بدأ هذا العلم يتأسس ويرسو على نهج علمي خلال الحفريات الأركيلوجية في المنطقة خلال القرنين الأخيرين . كانت بداياته في القرن السابع عشر عندما نسج الإيطالي بيتر و فيلا دال بعض نقوش مسمارية في برسيبوليس في إيران . في عام 1711 نشر جون كاردين نصا مسماريا باللغات العيلامية والفارسية القديمة والبابلية . في عام 1802 توصل جورج فريدريك غروتيفنذ إلي وضع قواعد أساسية في عملية فك طلاسم الكتابة المسمارية ونشر عمله عام 1815 ، خلال أعوام 1847 و 51 كان لهنري رولنصن إسهام متميز في فك ألغاز اللغة البابلية . نشوب حرب القرم عام 1842 أوقف العمل في الحفريات الأثرية لمدة ثمانية عشر تماما استغلها العلماء المختصون في دراسة الكتابة المسمارية وفك رموزها وقد تكللت هذه العملية . بالنجاح عام 1860 . وكان للعلماء الألمان إسهام ممتاز في تأسيس هذا العمل وتطوره على أسس منهجية دقيقة .