معجم الشرق الأوسط
المقدمة
جاء هذا الكتاب استجابة لحاجة ملحة ترصدناها في أسئلة وتساؤلات أبناء الجالية العربية ، المثقفين وغير المثقفين ، في الولايات المتحدة الأمريكية حول شؤون سياسية واجتماعية ?وتاريخية ودينية تتعلق ببلادهم . ولا يخفى القارئ أن أبناء الجالية هؤلاء يشكلون عينة ذات قيمة إحصائية تعكس هموم وحاجات أبناء الوطن المقيمين ، فالقاسم المشترك بين المهاجرين والمقيمين هو أن الوطن مقيم في قلوبهم ومهاجر .
لقد تبين لنا ، أولا ، أن كل محاولة للوصول إلي جواب كاف وشاف يتطلب بحثا عن مصدر أو عدة مصادر غير متوفرة جميعها باللغة العربية .
وتبين لنا ، ثانيا ، بعد عملنا في جمع ودراسة وتنسيق مواد هذا الكتاب أن معظمها يغطي الرقعة الجغرافية المعروفة ببلاد الهلال الخصيب ، وأن أقليها يتناول شؤون مصر والجزيرة العربية .
وتبين لنا ، ثالثا ، صعوبة وأحيانا استحالة ، توزيع وتصنيف هذه المواد وفق تبعيتها لبلد من بلدان الهلال الخصيب بسبب تشابك الأحداث والوقائع السياسية ، وتداخل خطوط التاريخ ، وتقاطع دوائر الجغرافيا ، وتلاحم النسيج البشري أنسابا وطوائف ومذاهب على امتداد هذه الرقعة . وتبعا لهذه الحقيقة فإن تناول مواد الكتاب كوحدة دراسية ، والنظام الأبجدي الذي اتبعناه في تنسيق هذه المواد ، فرض نفسه علينا فرضا .
وتبين لنا ، من خلال احتكاكنا ومعايشتنا اليومية لأبناء الجالية ، ومن خلال نظرنا في كتابات بعض المؤلفين العرب المعاصرين ، جهلا واضحا بالطوائف والمذاهب على امتداد هذه الرقعة . وتبعا لهذه الحقيقة فإن تناول مواد الكتاب كوحدة دراسية ، والنظام الأبجدي الذي اتبعناه في تنسيق هذه المواد ، فرض نفسه علينا فرضا .
وتبين لنا ، رابعا ، من خلال احتكاكنا ومعايشتنا اليومية لأبناء الجالية ، ومن خلال نظرنا في كتابات بعض المؤلفين العرب المعاصرين ، جهلا واضحا بالطوائف والمذاهب التي لا ينتمي إليها الكاتب ،? وخصوصا الطوائف المسيحية .
وتبين لنا ، خامسا ، وليس أخيرا ، افتقار المكتبة العربية ،?والأجنبية أيضا ، إلي كتاب من هذا النوع يستجيب لحاجة ماسة ويسد قائمة في المكتبة العربية ، ويشكل خلاصة مكتبة كاملة بين يدي القارئ . آخذين بعين الاعتبار الملاحظات المذكورة أعلاه ومدفوعين بعطش يشملنا جميعا في معرفة بلادنا أرضا وبشرا وتاريخا وأديانا ومذاهب وأفكارا ، ومستهدفين تقديم نافذة إلي هذه المعرفة .
تابعنا هذا العمل الواسع والشاق إلي النهاية التي بين يدي القارئ آملين من القارئ الكريم بعضا من الرضى وبعضا من النقد البناء يسهم في تحسين الكتاب وتقويم هفواته وإكمال نواقصه .
لقد عنونا الكتاب بـ« معجم الشرق الأوسط » ، وهو يتناول بلاد الهلال الخصيب . ونحن نعمل حاليا على مؤلفات مستقلة تتناول بقية بلدان الشرق الأوسط العربية .
تقوم فكرة الكتاب على العلاقة المتبادلة بين السياسة والجغرافيا والتاريخ والفكر والدين . إنه لا يمكن فهم الحياة السياسية لمنطقة ما بمعزل عن فهم الأرض والناس في مضطرب معاشهم ورجاء معادهم . لهذا تناولنا في هذا المعجم كل تلك الموضوعات معا . أما الموضوعات السياسية منها فتغطي الفترة الممتدة منذ نشوء الدولة? الحديثة حتى الحاضر مارة على أهم الأحداث والوقائع والمعاهدات والاتفاقيات والشخصيات التي لعبت دورا مؤثرا في مجرى التحولات السياسية للمنطقة . وقد تم التركيز على القضية الفلسطينية والمشكلة اللبنانية لأن جل ، إن لم يكن كل ، خطوط الحياة السياسية? للمنطقة تشابكت في هاتي النقطتين منذ مطلع
القرن الحالي .
وفيما يتعلق بالحياة الفكرية قدمنا عدة مداخل عن مجموعة من المفكرين الذين كان لهم تأثير في تشكيل الفكر السياسي الحاضر للمنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر . أما الموضوعات البشرية فتناولت الخيوط التي تشكل النسيج البشري للمنطقة من مجموعات عرقية أو لغوية أو دينه أو مذهبية . أما الموضوعات التاريخية فقد ركزت على تقدم خلفية تاريخية القديم ما زالت صلة بالطائفة أو أكثر من طوائف النسيج البشري للمنطقة . ولم نجد حاجة إلي مداخل تتعلق بالتاريخ الإسلامي بسبب شيوع معرفته بين قراء العربية .
رغم اقتصار موضوع الكتاب على بلاد الهلال الخصيب ، سيجد القارئ غير قليل من المداخل تتقاطع مع الحياة السياسية والفكرية في مصر هي على ارتباط وثيق ، لا ينفصم ، بالحياة السياسية والفكرية لمنطقة الهلال الخصيب . إن ذلك يعكس ارتباط مصر تاريخيا وثقافيا بهذه المنطقة ، ولكن يبقى لها ، مع ذلك خصوصيتها المحلية التي تستدعي بحثا مستقلا .
وما يقال عن مصر يمكن قوله عن الجزيرة العربية ، فهي الأخرى مرتبطة لغويا وثقافيا وتاريخيا مع الهلال الخصيب ، نصفها الشمالي ، ولكن يبقى لها من خصوصيتها المحلية ما يستلزم بحثا مستقلا .
لقد حرصنا على إسناد كل معلومة ذكرناها إلي مصدرها وردها إلي مرجعها في كل مدخل ،?بل في كل فقرة منه وفكرة .
أخيرا نقول :الهدف من هذه الكتاب هو تقديم المعرفة المجردة عن أية نوازع أو أهواء من أي نوع كان . إن المعرفة المجردة هي هاجسنا الوحيد وقصدنا الأكيد لأنها – لا يختلف في ذلك اثنان – أساس ضروري لا بد منه لكل عمل بناء للإنسان والأوطان .
بطاقة شكر نود تقديمها لكل من ساهم بكثير أو قليل في إنجاز هذا الكتاب وإيصاله إلي متناول يد القارئ . بطاقة شكر وامتنان ،?وطاقة ريحان وعرفان نقدمها إلي صحاب فكرة الكتاب ،?الدكتور وليد هندو لمتابعته إياه بالعناية والرعاية يوما فيوما ، ومواصلته خالص الإخلاص والالتزام من بدء الكلام فيه إلي تمام الختام . وبطاقة شكر إلي الأب إلياس خوري لمراجعته الكتاب والملاحظات القيمة والآراء القويمة التي أتحفنا بها ، والتي آلت إلي إخراج الكتاب في نسخة أقوم وحلة أسلم . وبطاقة شكر للسيدة مي العاقوري لخدمتها شؤون الكتاب مدى أيام وشهور طوال خلال قيامها خير قيام بإدارة الأعمال في « معهد جدول الشمال » .
سعد سعدي
شيكاغو – نورث بروك إنستيتوت 1/6/1997