بلاد الشام وفلسطين. كانت بلاد الشام مجالاً لمساهمات حضارية متميزة خلال عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية. فقد سبقت فلسطين غيرها من العالم القديم في اكتشاف الزراعة، واستئناس الحيوان المصاحب لها، ونشوء المستوطنات السكانية المستقرة في أريحا وغيرها، منذ الألف التاسع قبل الميلاد. وتطورت تلك المستوطنات إلى قرى، تطور بعضها إلى مدن فيما بعد، وممالك صغيرة متمثلة في مدن ـ دول. وفي الألف الثالث قبل الميلاد سادت مملكة إيبلا في سوريا، مضيفة تجربة مهمة في نظم الحكم آنذاك، بملكية انتخابية، يحكم فيها الملك المنتخب لسبع سنوات، يمكن تجديدها لسبع أخرى، ويعاونه مجلس استشاري مكون من ملوك سابقين وآخرين يُنتخب منهم الملوك الجدد. لكن هذه الملكية الانتخابية سرعان ما تحولت إلى دائمة ووراثية. ويعود لفلسطين وبلاد الشام الفضل في الاستفادة من تجارب الكتابة في وادي الرافدين ووادي النيل والخروج بكتابتين أبجديتين مطلقتين أولاهما هي الكتابة الفينيقية التي جاءت منها الأبجديات القديمة والحالية، السامية (الآرامية، العبرية، الموابية، النبطية، العربية، المسند) وغير السامية (اليونانية واللاتينية والأبجديات الأفرنجية المنحدرة منهما). والثانية هي الكتابة الأوجريتية من رأس شمرا في سوريا المكتوبة برموز مسمارية. هذا عدا ما نزل في فلسطين من رسالات سماوية هي اليهودية والنصرانية. وتعد بلاد الشام وفلسطين بصفة عامة ملتقى للحضارات المهمة في العالم القديم.